الابداع غايتنا

حياك الله بيننا ونتمنى انه يسعدك منتدانا..
اهلا وسهلا بك بيننا ..
اضفت نورا جديدا على منتدانا
كلنا لهفة وشوق لرؤية مواضيعك المفيدة..
وكلنا امل بأن يحوز منتدانا على رضاك واعجابك ..

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

الابداع غايتنا

حياك الله بيننا ونتمنى انه يسعدك منتدانا..
اهلا وسهلا بك بيننا ..
اضفت نورا جديدا على منتدانا
كلنا لهفة وشوق لرؤية مواضيعك المفيدة..
وكلنا امل بأن يحوز منتدانا على رضاك واعجابك ..

الابداع غايتنا

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ابداع بلا فواصل


    قصيدة المدينة الهرمة للشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 29
    تاريخ التسجيل : 25/03/2013

    قصيدة المدينة الهرمة للشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان Empty قصيدة المدينة الهرمة للشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان

    مُساهمة من طرف Admin السبت أبريل 06, 2013 3:04 pm


    قصيدة المدينة الهرمة للشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان :
    رحلة التداعي في هذه القصيدة
    تجري بين شارع أوكسفورد في لندن
    و سوق العطارين في نابلس .
    الرحلة تبدأ عند اشارة الضوء الأحمر وتنتهي
    عند اشارة الضوء الأخضر
    و تلقفني في المدينة هذي الشوارع
    و الأرصفة
    مع الناس
    يجرفني مدّها البشري
    أموج مع الموج فيها
    على السطح أبقى
    بغير تماس ...
    و يكتسح المد هذي الشوارع و الأرصفه
    وجوهٌ وجوهٌ وجوهٌ وجوهٌ
    تموج على السطح ، يقطن فيها اليباس ،
    و تبقى بغير تماس .
    هنا الإقتراب بغير اقتراب
    هنا اللاّحضور حضورٌ ،
    و لا شيء الاّ
    حضور الغياب
    . . . . . .

    و يحمرّ ضوء الإشارة و المدّ يرتد.
    تعود الخفافيش للذاكره
    و نصف مزنجرة تعبر السوق ،
    أفسح فيه مكاناً لتعبر ،
    إنّي تعلّمت ألاّ أعرقل خطّ المرور. . .
    و عن ظهر قلب حفظت دروس نظام المرور .
    هنا كان سوق النخاسة،
    باعوا هنا والديّ و أهلي
    فقد جاء وقتٌ سمعنا الذي منع
    الرقّ و البيع نادى على الحر :
    من يشتري !
    و هذي أنا اليوم جزء من الصفقة
    الرابحه
    أمارس حمل الخطيئة؛
    معصيتي أنني
    غرسة اطلعتها جبال فلسطين . .
    من مات أمس استراح ؛
    أشك لعل بقايا كهوف القبور تئنّ
    و تلعنني حين أفسح في السوق
    دربا لتعبر نصف مزنجرة
    ثم أمضى بغير اكتراث ...
    رسالة عائشة تستريح على مكتبي ,
    و نابلس هادئة و الحياة تسير كماء
    النهر . . .
    يبادلنني خاتم السجن صمتاً فصيحاً
    (يقول لها حارس السجن إنّ الشجر
    تساقط و الغابة اليوم لا تشتعل
    و لكنّ عائشة ما تزال تصرّ على القول
    إن الشجر كثيف و منتصب كالقلاع،
    و تحلم بالغابة التي تركتها تؤجّ بنيرانها
    قبل خمس سنين
    و تسمع في الحلم زمجرة الريح بين المعابر ...
    تقول لسجّانها : لا أصدق ،

    كيف أصدّق من جاء من صُلبهم ؟
    تظلّون يا حارسي أنبياء الكذب
    و تقبع في ظلمة السجن تحلم
    يظلّلها الشجر المنتصب
    و تفرحها غابةٌ في البعيد تصلصل فيها سيوف اللهب
    و تحلم عائشة ثم تحلم )
    و يخضرّ ضوء الاشارة
    يجرفني المدّ
    تهرب ذاكرتي
    و الخفافيش تهوي الى قاع البئر
    يغـيـّر ظلٌ طريقه
    يتابع ظلـّي ، يوازيه ، يمتد جسرٌ :
    - لعلك مثلي غريبة ؟
    و تنفصل القطرتان عن المدّ ثم تغيبان
    بين زوايا حديقه
    . . . . . .
    - تحبين أوزبورن ؟
    - و من لا يحبّه ؟
    - عجائز انكلترا المحبطون و الضباط
    و الآفلون مع الشمس (( غرب السويس ))
    - ترى من سيزرعها شجرة الغد
    لهذا البلد ؟
    - شباب الهيبيز . . .
    - ذاعٌ انت لاذع
    و يجتازها سيلهم و هو يجرف تربة لندن
    و نسمع صوت انهياراتها
    على وقع دقّات (( بج بن ))
    . . . . . . .
    - هنالك في العطفة الجانبية حانوت خمر
    و في النّزل ضوء و تدفئة مركزية . .
    - سدىً ما تحاول
    (و تعبر سيدة لندنية
    تبث و تشكو إلى كلبها وخز
    عرق النّسا و التهاب المفاصل )
    - سدى ما تحاول
    -ألست ابنة العصر ؟
    - كبرت عن الطيش صيّرني الحزن
    بنت مئات السنين ،
    سدىً ما تحاول .
    و ارفع عن كتفيّ ذراعيه, أفلت خارج
    طوق التواصل .
    - تحاصرني وحدتي
    -كلنا في حصار التوحّد
    وحيدون نحن ،
    نمارس لعبة هذي الحياه وحيدين ،
    نحزن نألم نشقى وحيدين
    نموت وحيدين ؛
    وحيداً تظل ولو حضنتك مئات النساء
    . . . . . . .
    و تلقفنا في المدينة هذي الشوارع
    و الأرصفه
    مع الناس ،
    يجرفنا مدّها البشريّ
    نموج مع الموج فيها ،
    نظلّ على السطح فيها ،
    بغير تماس

    تقديـــــــــــــــــم
    الشعر هو الكلام الموزون المقفى، هذا ما اصطلح عليه أدباؤنا ونقادنا الأوائل، وإلى يومنا هذا بمعنى أن عنصر الموسيقى من العناصر المكونة في بناء البيت الشعري، ولقد تطور هذا المفهوم حسب النظريات والمدارس الجديدة التي ظهرت في الوطن العربي، إما بتأثير التيارات الفكرية الغربية، وإما اجتهادات شخصية، لكن مادام يصب في قالب الشعر ولا يُخرجه عن إطاره العام بكونه أنه شعراً، فلا نعتقد أنه يمس مضمون الشعر، ولقد رأينا من خلال الدراسات الشعرية والقصائد، كيف تغيّر الشكل الشعري، وما صحبه من تغيير في المضمون، يصاحب التغيير في الشكل، لكنه لم يمس أهم عنصر من عناصر القصيدة وهو الإيقاع الموسيقي المتمثل في بحور الشعر المختلفة، فمثلا رأينا الشعر الأندلسي المتعلق بالموشحات الأندلسية وما حدث فيها من تغيير في الشكل، أثرت اللغة العربية بكثير من الأبحاث والدراسات والنظريات العامة والخاصة، واعتبر هذا الشعر في تلك الفترة وإلى اليوم من الإبداعات الشعرية المميزة للشعر الأندلسي، وقد سبق هذا تغيير في شكل القافية من حيث التنويع في القوافي، كل بيتين أو ثلاثة أو أربعة بقافية موحدة، وهكذا الحال بالنسبة لمعظم القصائد، لكن في جميع المحاولات بقي ميزان النص الشعري ثابتاً، لكن التغيير حدث في طول وقصر التفعيلات، ومن هذا المنطلق فقد حدث في الشعر الحديث الكثير من التغيرات في الشكل، أثرت المكتبة العربية بالدراسات ذات القيمة الأدبية والنقدية من خلال ما حدث لشكل القصيدة من تغيير، ومن هذه التغيرات ، أن الشعراء يلونون في بناء النص الشعري حسب الأشكال النثرية المعاصرة المعروفة، المسرحية والقصة والرسائل، ولقد أثرى هذا النوع من الكتابة الشعرية الفكر بأبحاث جديدة، ولا يمكن أن يكون عائقاً يحـدُّ، كما يدّعي بعض الكتاب والنقاد.
    مما سبق رأينا أن الشعراء في فلسطين أسهموا إسهاماً مباشر اً وغير مباشر أحياناً في التعبير عن تجاربهم المختلفة من خلال رؤية معينة أضفت جمالاً على هيكل القصيدة الجديد، مع تنمية الفكر والشعور، ولقد سار شعراء فلسطين على هذا النهج بصورة واضحة، مما حدانا أن نقف على هذا الموضوع من خلال دواوين الشعراء المعاصرين.

    البناء الروائي في القصيدة
    تعتبر اللغة ظاهرة اجتماعية و وسيلة تخاطب و تفاهم ، و هي أداة تواصل بين الناس لنقل الأفكار ، كما أنها قالب أدبي لتضمين مختلف الفنون الأدبية و على رأسها الشعر الذي يتحقق بها كيانه . و نرى أن الشاعر يستخدم مفردات اللغة و ألفاظها ، إلا أنه يصوغ منها ما يختلف عن لغة الحياة اليومية ، مع أن الشعر اليوم صار يستخدم المفردات و الكلمات الشائعة في الحديث اليومي ، لا سيما قصيدة الشعر الحر إن من يقرأ شعر فدوى طوقان في ضوء تتابعه الزمني يكتشف اختيارها لألفاظها الموحية المملوءة بالدلالات ، لا سيما في عناوين دواوينها التي نكتشف فيها لونا من التدرّج في الحوار مع الذات يسعى لاكتشافها و تحديد معالمها ، و الشاعرة تختار ألفاظها لتخدم مضمونها و تدعم عناصر قصيدتها ، في كلية متراصة محشودة الجوانب لخدمة المعنى
    الرواية في الأدب العربي من عناصرها: الشخصيات والزمان والمكان والحوار والحبكة، وهي معروفة لكل أديب وناقد وكاتب، ولكن أن تُكتب القصيدة بشكل الرواية، فيعتبر جديداً على الأدب بصفة عامة، لكن طبيعة التطور التي أصابت الحياة بكل أشكالها وألوانها أثّر على القصيدة الشعرية بصفة خاصة وعلى الأدب بصفة عامة، ومن هنا بدأ الشعراء يدورون في فلك الأدب دون الخروج عن أساسيات النص الشعري، ومكوناته، فوصل تفكيرهم إلى هذا اللون من الشعر، بأن تُكتب القصيدة على شكل الرواية المتعارف عليها في الأدب، دون المساس بالعناصر الأساسية للنص الشعري، و يطالعنا من ضمن الدواوين الشعرية لشعراء فلسطين، قصيدة للشاعرة فدوى طوقان بعنوان "في المدينة الهرمة" وتجري هذه القصيدة بين شارع كسفورد في لندن، وسوق العطارين في نابلس، بالإضافة إلى الشخصيات الموجودة في النص، والحوار بين الشخصيات، وهكذا تمثلت في القصيدة لغة الرواية المتعارف عليها، فماذا تقول فيها :
    وتلقفني في المدينة هذي الشوارع
    والأرصفة
    مع الناس، يجرفني مدُّها البشريّ
    أموج مع الموج فيها، على السطح أبقى
    بغير تماس
    ويكتسح المد هذي الشوارع والأرصفة
    وجوه وجوه وجوه وجوه تموج
    على السطح يقطن فيها اليابس، وتبقى
    بغير تماس.
    هنا الاقتراب بغير اقتراب
    هنا اللاّحضور حضورٌ، ولا شيء إلاّ
    حضور الغياب
    وتمضي الشاعرة في قصيدتها من خلال صورة الرواية في النص:
    يبادلني خاتم السجن صمتا فصيحاويقول
    لها حارس السجن إن الشجر
    تساقط والغابة اليوم لا تشتعل
    ولكن عائشة ما تزال تصر على القول
    إن الشجر
    كثيف ومنتصب كالقلاع، وتحلم
    بالغابة التي تركتها تؤج بنيرانها
    قبل خمس سنين
    أوردت الشاعرة ألفاظا متعددة يخدم أوّلها تاليها ، فالبيت الأول يرتكز على لفظة ( تلقفني ) أنها تقدّم في البيت الثاني لفظة ( تجرفني ) ، ليتطور المعنى من اللقف إلى الجرف فجاء التسلسل ، ثم توظف الشاعرة كلمة ( المد )كقائم بعملية الاكتساح و حامل لها ، هذه الألفاظ التي تتّسم بالحركية و الاتساع ، عليها ألفاظ تتّسم بالسكونية و الاستقرار مثل أفعال ( يقطن و يبقى ) ، فهذا الاستخدام للألفاظ المتعددة نقل ذات الشاعرة إلى البشر .
    وتظهر شخصيات أخرى في القصيدة مثل "أُوزبورن" وعجائز إنجلترا، وشباب الهيبز، وسيدة لندنية، مع ظهور أماكن أخرى وهكذا استطاعت الشاعرة بكل اقتدار النضج الفني أن تصل إلى غايتها من النص
    فبحّلول نكبة 1948 لونت المأساة إنتاج فدوى الشعري بلون متميز يحمل في طياته خصائص الإنسان الفلسطيني بهزيمته و يأسه، بحزنه وتمرده وثورته فتفجر بركان الوطنية داخلها، وما عادت لأحد قدرة على لجم صوت الوطن في صدرها.
    وبدأ التحول في مسارها الشعري واضحا،فاستبدلت الأنا الجماعية والهم المشترك بأناها الفردية،واختصت الوطن بحبها فأ حبت شبابه وأطفاله، شيوخه ونساءه، جباله ووهاده، فأخذت موقعها على خارطة النضال فأصبحت صوت الشعب ونبضه،
    وتتوالى التداعيات عن وعي لدى الشاعرة، حيث يسْتدعى السوق، ومرور المجنزرة التي تعبره دون اكتراث، صورة من صور الوطن، وهذا سوق النخاسة الذي بيع فيه الأهل كما تقول الشاعرة، عندما حدث الوعد المشؤوم ، وقد استطاعت الشاعرة الربط بين الأحداث والموضوعات التي تتداعى من وعيها، للوصول إلى هدفها من القصيدة، بأن الوطن مهما حدث فيه سيبقى شامخاً :
    أمارس حمل الخطيئة، معصيتي أنني غرسة أطلقها جبال فلسطين
    من مات أمس استراح، أشك لكل بقاياهمو في القبور
    تئن وتلعنني حين أفسح في السوق دربا لتعبر نصف مجنزرة
    ثم أمضي بغير اكتراث
    فنجد الشاعرة تستدعي أمكنة وأزمنة لها عمق في ذاكرتها الجمعية لأن " مسألة استرجاع الذكريات قد تتنور أيضا
    حين نولي مزيدا من الاهتمام باللحظة حيث تتحدد الذكريات فعلا وواقع. عندئذ سنرى دورتناسق الحوا دث الجديدة، الترشيد العقلي شبه الآني للأحداث المتصلة في ذكرى معقدة
    في مشهد حي تعرض الشاعرة لأحداث من خلال تلاحم الزمان مع المكان؛ فالمكان الحالي شارع إكسفورد بلندن، والزمن الحالي ما بين الضوء الأحمر والأخضر من إشارة المرور.يستدعي الزمن الحالي؛ زمن الاحتلال الإسرائيلي للوطن، يستدعي الزمن الأبعد تاريخيا،الزمن الذي منح فيه بلفور أرضنا التي لا يملكها للعدو الذي لا يستحقها، من خلال ما يسمى
    بوعد بلفور 1917 م وبداية المأساة الفلسطينية.
    يبدأ السطر الشعري بظرف المكان" هنا"، فتلفت الانتباه إلى مكان لعب دورا مؤلما في صنع تاريخ شعبنا، ولأهمية هذا الدور "سلبيا" تنهي السطر بما بدأت به"هنا" تأكيدا على أن هذا المكان هو المسئول الأول عما كان ولا زا ل. والبيع حين يطال والديها، يطالها حتما بالوراثة وبيع أهلها يشمل كل أبناء الوطن، وفي مفارقة ساخرة يحملها السطر الثالث،تظهر الظلم الذي تعرض له الشعب، ففي الوقت الذي ألغت قوانين حقوق الإنسان الرق والعبودية، يعَلن عن بيع الأحرار في زمن المتناقضا ت.
    وتفرد الشاعرة للفعل يشتري سطرا شعريا لتسليط الضوء على هذه المفارقة، لتصل مع السطر السادس في إشارة مسلطة على الذات ب (هذي أن ا) في محاولة لإظهار الغبن الواقع عليها، حتى باتت جزءا من صفقة لا ناقة لها فيها ولا جمل، تعمد الشاعرة لإفراد دال"رابحة" في سطر شعري لتقابل دال "يشتري" فيختص المتعاقدون بالربح، بينما نصيب الذات الفردية والوطنية هو الذل والخسارة إذ تصل وبتسلسل منطقي إلى نتائج هذه الصفقة مع السطر الثامن، فكما لم تستشر في السابق حين جعلوها جزءا من الصفقة، فكانت "مفعولا به" تنتقل اليوم ودون إرادتها إلى فاعل؛ إذ تحّتم عليها أن تمارس حمل الخطيئة، وهنا تخلق تشاكلا في المعنى، فهي لا تمارسها بمحض إرادتها وإنما هي مجبرة، تأتيها الجبرية من الأعلى كنتيجة من نتائج الصفقة، فهي ُتعذب دون ذنب اقترفته، بل تعذب بفضيلة أنها غرسة تنبت على سفوح جبال فلسطين، والغرسة توحي بالتجذر في المكان، والجبال بما تحمله من شمم وإباء تتبع بنقط مطبعية تشحن الدلالة بمعان إضافية، وتسمح للمتلقي بإضافة ما يريد.هذا المكان الذي تقفه الشاعرة وقد جمع لها الكثير من الذكريات الأليمة، يتسبب لها بحالة نفسية سيئة تجعلها تغبط من مات بالأمس، قبل"وعد بلفو ر" لأنه استراح من الذل والهوان، واستراح من وزر حمل الخطيئة، وهي تعبير عن الو اقع المعيش، فحين يصبح الموت راحة،
    لابد أن تكون الحياة أسوأ من أن تعاش.
    وتواصل الشاعرة في عرض النص الرواية إن صح التعبير، بشكل يبرز قدرة الشاعرة على وصل الفصول والحلقات مع بعضها البعض، فتستدعي بعض مقتطفات من التوراة ضرورية في هذا الموقف، لتخدم شخصية معينة وهدف آخر إلى أن تنجرف أمام التيار عندما أضاءت الإشارة الضوئية الضوء الأخضر، فتظهر في الحال شخصية أخرى من خلال رحلة التداعيات في ذهن الشاعرة.
    وتتمثل في شخصية " أوزبورن " الشخصية التي ألفت مسرحية "غرب السويس"وهي إحدى المسرحيات الرمزية الواقعية التي تتحدث عن حضارة إنجلترا التي توقفت عندما ظهر وجه جديد على الساحة الإنجليزية وهم "الهيبز" الذين بهم ستنهار لندن، وهكذا تمارس الشاعرة رحلة التداعيات من خلال وقفات أمام حانوت، حيث سيدة إنجليزية تجرّ كلبها، محاولة التغلب على عصريات العصر، ولكن دون جدوى، أصبحت وحيدة، وكذلك الشاعرة، وتسير في المدينة من مكان إلى آخر في محاولة منها تحويل التكنيكات الروائية إلى شعرية، من خلال رؤيتها النفسية والذاتية والعصرية.
    وإن كانت قوة الألفاظ وجزالتها تكسب النص قيمة فالأمر عند فدوى مختلف إذ إن بساطة اللغة لديها، وصدق الإحساس، ودقة التصوير، جعلت القصيدة لوحة ناطقة لا غم وض فيها ولا غرابة، لأن شعرها يصدر عن شاعرية طبيعية وفطرية أدبية ولا يظهر عليها التعقيد، لذا يجد كل من يقرأ هذه اللوحة أنها تقول كل ما يريد قوله، وتعبر عما بداخله أصدق تعبير، وهذا سر
    شاعريتها ففهم رسالة النص ومقصد الشاعر لا يتحقق إلا من خلال إعادة الشراكة بين النص وصاحبه وقارئه
    وهكذا ساهمت الشاعرة فدوى طوقان من خلال النص مساهمة رائعة، أضفت جديداً إلى لغة النقاد، فكان لها القدرة على استغلال البناء الموسيقي وإمكاناته، للتعبير من خلال عدد من الأصوات من خلال الشخصيات التي ذكرناها، وتصوير الأبعاد المختلفة في رؤاها الشعرية، ولا يقتصر الأمر عند فدوى ، فمعظم شعراء فلسطين ساهموا مساهمة ناضجة في السير على هذا النهج من خلال التلوين في عطائهم الشعري على مر عقود من الزمن خلت.

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة مايو 17, 2024 9:30 am